واقعة بوشان تحت مشرحة علم الاجتماع .
ا
وركز عنبي، في نقاشه على السلوكات الجنسية المضطربة التي أصبح يعرفها المجتمع المغربي، وآخرها حادثة اغتصاب تلميذة بمدينة بنجرير من طرف وحش آدمي في واضحة النهار، حيث أكد أن "النظام التعليمي (مدارس و جامعات) الذي يستهدف العقل البشري، هو المسؤول على بناء شخصية وعقل الإنسان حتى في الممارسات اليومية، و لهذا فعندما غاب التعليم بالمغرب غاب العقل، معتبراً أن هؤلاء الناس يقومون بممارساتهم بدون إعمال العقل".
وأضاف أستاذ علم الإجتماع، أن هذه السلوكات المنحرفة لا تقتصر على اغتصاب الشابات، "بل أصبحت تمس حتى النساء المسنات والعجائز، حيث يتعرضن للإغتصاب، من طرف بعض الوحوش البشرية المهووسة والمكبوثة جنسياً، بدون أدنى اعتبار لا للمجتمع ولا لمؤسسات الضبط الإجتماعي، وهنا أقصد: الأسرة، و المؤسسات الموازية لها من الأصدقاء، والشارع و الإعلام، ودور الشباب، والشبيبات الحزبية التي تخلت عن دورها في التوجيه الإجتماعي". يقول ذات الباحث.
وأشار عنبي إلى أن الاستهلاك الغير المعقلن للتكنولوجيا الرقمية بكل تجلياتها، يساهم في إنتاج مثل هذه السلوكات المتطرفة، مردفاً "أننا أمام جيل عقله غائب تقريباً، حيث تتحكم فيه إما دوائر راعية للعنف، والتطرف، والإرهاب، أوالمواقع الجنسية و الإباحية، و بالتالي تحدث بداخله هيجاناً، يترجمه إلى انحرافات شادة يفرغها داخل المجتمع".
وأوضح الباحث أن المجتمع المغربي يعيش تفككاً اجتماعياً، "و حين نتحدث عن هذا التفكك فإننا نتكلم عن اختلالات وظيفية، لأن مجموعة من النظم الإجتماعية لم تعد تقم بوظائفها، مما يؤدي إلى الفوضى أو"اللا معيارية"، ما يسبب غياب التفاعل الإجتماعي، وهو ما يجعل المجتمع مفتوحاً على مصراعيه أمام هذه الفوضى بسبب عدم فاعلية هذه النظم".
وعن منظومة القيم المجتمعية بالمغرب، أكد عنبي أنها محط تساؤل اليوم، معتبراً أنها "في وضعية حرجة، وذلك بسبب فقدانها لثقلها، لأنه لا يمكن أن نمارسها إلا من خلال وداخل المؤسسات التي تقوم بتفعيلها وبلورتها داخل المجتمع".
ويرى ذات الباحث أن تحول الضحية إلى جلاد والجلاد إلى ضحية داخل المجتمع المغربي، مرده إلى بعض الإرهاصت في التاريخ الأنتربولوجي المغربي، "حيث نجد فيه أن النهب و اللصوصية في التاريخ المغربي، كانت مبنية على النهب والسبي، والمفارقة أن من كان يقوم بهذه السلوكات رغم انحرافها، كان يتم تصويره في أدوار بطولية، وهذا ما نجده في المجتمع المغربي، الذي لم يستطع تغيير ذهنيته تجاه هذه الممارسات".
وعن تطبيع المجتمع مع مثل هذه السلوكات التي ترهب المجتمع، شدد على أنه يجب إعادة النظر في "نظامنا التعليمي الفاسد، والمهترئ، والفاقد لدوره الأساسي لكي نستطيع تغيير رؤيتنا لصورة الرجل البطولي الذي يقوم بالإغتصاب والإعتداء، دون مراعاة للمجتمع، مشيراً إلى أن النظام التعليمي القوي والمؤسس هو القادر وحده على مواجهة هذه الإنحرافات وتغيير العقليات".حسب تعبير عنبي.
وأوضح عنبي أن القانون و زجر المغتصبين غير "كفيل بردع وتغيير هذه العقليات، معتبراً أن مشكل المرأة ليس هو قانون تحرش، أو قانون عنف، بل هو مشكل ومسألة وضع طبقي محكوم بالدين، والعرف و التاريخ، وكمثال على ذلك مشكل الأمهات العازبات اللواتي يتعرضن في بعض الأحيان تحت حيلة الزواج للإغتصاب الذي ينتج عنه الحمل، حيث نجد أن المجتمع يعتبرها نجسة وعاهرة، عكس الرجل الذي يعتبرونه فحلاً".
وحمل عنبي، جزءا من المسؤولية للقائمين على الشأن الثقافي، الذين تخلوا عن هذا الحقل، مما أدى إلى "أننا أصبحنا نرى أن بعض وسائل الإعلام تعطي مساحة لما يسمى بالفنان لكي يتكلم بكلام مائع ورديء،" داعيا إلى محاسبة مثل هذه المؤسسات التي تساهم في رداءة ثقافة المجتمع، كما دعا المثقف إلى القيام بدوره الذي يكمن في معانقة هموم الناس.
لا تعليقات في " واقعة بوشان تحت مشرحة علم الاجتماع . "