شريط الاخبار

قائمة

الرأي النموذج التنموي الجديد..التوجهات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية ودور انفتاحها على محيطها في تحقيق مطلب الجودة

 



ذ/عبد العزيز السيدي


”النموذج التنموي الجديد يدعو إلى نهضة تربوية حقيقية لتحسين جودة التعليم بشكل جوهري وإعادة وضع المدرسة العمومية في صلب المشروع المجتمعي المغربي.“


•بطاقة تعريفية للأستاذ عبد العزيز السيدي :


-أستاذ مكون بسلكي الإدارة التربوية وأطر الدعم وسلك التأهيل 

-مدير مساعد مكلف بتدبير سلك تكوين اطر الإدارة التربوية سابقا بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين مراكش اسفي/المقر الرئيس مراكش


-فاعل جمعوي وخبير في مجال الحياة المدرسية ومشروع المؤسسة


-أكثر من عشرين سنة كأستاذ مكون بمراكز التكوين المركز التربوي الجهوي سابقا (CPR) والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمراكش حاليا (CRMEF).


1/ التوجهات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية:


يطمح النموذج التنموي الجديد إلى إحداث نهضة حقيقية للمنظومة التربوية، اعتبارا أن الاختيار الاستراتيجي الأول بالنسبة للمنظومة، هو تعليم ذو جودة، فالمدرسة المغربية اليوم يجب أن تمكن كل متعلم من اكتساب المهارات والكفايات الأساسية لضمان اندماجه الاجتماعي، ودعم نجاحه الأكاديمي والمهني، كما يجب أن تصبح هذه المدرسة هي الرهان الأساس لتكوين شباب متفتح يطور ذاته ويصنع مستقبل المغرب، من خلال ترسيخ معنى الاستقلالية والمسؤولية وأخلاقيات المهنة والتتشبع بالمواطنة والسلوك المدني والقيم الإنسانية الراسخة في الهوية المغربية والفكر المنفتح والقدرة على التأقلم مع التحولات السريعة التي يعرفها العالم.


إن تجسيد هذا الطموح يتطلب تجاوز الأزمة الثلاثية الأبعاد التي يعيشها النظام التربوي المغربي:

أزمـة جودة التعلمات، التي تتمثل في عدم إتقان أغلبية التلاميذ للمهارات والكفايات الأساسية في القراءة والحساب والكتابة واللغات في نهاية مسارهم الدراسي… (معدل تمكن المتعلمين من الكفايات الأساسية ينحصر في نسبة 30% حاليا عوض 70% المفروض ان يمتلكها. المتعلمين (ات).

أزمة ثقة المغاربة إزاء المؤسسة التربوية وهيئتها التعليمية.

أزمة في مكانة المدرسة التي لم تعد تلعب دورها في الارتقاء الاجتماعي وتشجيع تكافؤ الفرص.


فبدون تحول عميق للنظام التربوي، لا يمكن بلوغ أي هدف من الأهداف التنموية للمغرب على مستوى ازدهار المواطنين والتماسك الاجتماعي والنمو الاقتصادي والإدماج التنموي. لذلك، فإن النموذج التنموي الجديد يدعو إلى نهضة تربوية حقيقية لتحسين جودة التعليم بشكل جوهري وإعادة وضع المدرسة العمومية في صلب المشروع المجتمعي المغربي، والمطلوب اليوم أنه في أفق 2035، يجب أن يمتلك أزيـد مـن 90% من التلاميذ (ات) المهارات المدرسية والكفايات الأساسية عند نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، مقابل أقـل مـن 30% حاليا.


ولأجـل ذلك يدعو النموذج التنموي الجديد الى اصلاحات طموحة من شأنها تعزيز واستكمال رؤية 2030 والقانون الإطار المنبثق عنها بالإضافة إلى الرفع من قدرات النظام التعليمي من حيث الصمود والتكيف مع أوضاع تفرض اكراهات شبيهة بتلك التي رافقت الأزمة الصحية كوفيد 19:


القضاء على الهدر المدرسي خصوصا بالعالم القروي (بناء مؤسسات جماعاتية).

تنزيل برنامج التكوين المستمر وتأهيل فضاءات ت المؤسسات التعليمية.

ايجاد حلول ملائمة للإكراهات المتعلقة بتعميم وتطوير ربط المؤسسات التعليمية بالأنترنيت

تعزيز كفاءات المدرسين في مجال المعلوميات.


إن الرهان اليوم هو الرفع من مستوى التكوين الأساس والمستمر، وإعداد الفاعلين والممارسين والمتدخلين في مجال تدبير منظومة التربية والتكوين وذلك بهدف تحسين الأداء، وتطوير الكفايات والمقاربات المعتمدة وتوحيدها لبلوغ الاحترافية، (تأهيل الموارد البشرية) لضمان النجاح المدرسي وتحسين جودة التعلمات والارتقاء بالمؤسسات التعليمية.


ولقد أوصى تقرير النموذج التنموي الجديد 2021 ب:

– تنظيم مسار التلميذ في عدة مستويات للتعلم عبر تحديد المعارف والمهارات والسلوكيات التـي يجـب اكتسـابهـا مـن طـرف المتعلـم فـي كل مرحلـة مـن مسـاره الدراسـي قبـل المـرور إلى المرحلة المواليـة بشكل يحـد مـن تراكم النواقص.

وضع آليـة لمحاربة الهدر المدرسـي تتيـح التدخـل عنـد كل مرحلـة مـن الحيـاة المدرسية للطفـل لأجـل تجنب تراكـم فجـوات التعلم والحد من مخاطر الانقطاع عن المدرسة والرفع من فرص النجاح الأكاديمي والمهني.

تملك أزيـد مـن 90 % مـن التلاميذ المهارات والكفايات المدرسية الأساسية عند نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، مقابل أقـل مـن 30 % حاليا.


خفض نسبة الهدر المدرسي بمقدار الثلث، ففي كل سنة يغادر 300000 تلميذ وطالب مقاعد الدراسة؛ وهذا الامر خطير جدا على مكانة بلادنا ومستقبل التنمية ببلادنا، فعلى الرغم من الجهود المبذولة في مجال التنمية البشرية في المغرب إلا أنه تبوأ مرتبة جد متأخرة على الصعيد العالمي، بسبب أولا حصيلة التعليم وضعف المجال الصحي.


2/ دور انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها في تحقيق مطلب الجودة:


أشار الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مجاله الثاني إلى ربط المدرسة بمحيطها الاجتماعي والاقتصادي قصد خلق مدرسة الحياة، كما تنص المادة التاسعة من القسم الأول منه على هوية مدرسة جديدة، هي مدرسة الحياة أو الحياة المدرسية التي ينبغي أن تكون حسب الميثاق:

” مفعمة بالحياة، بفضل نهج تربوي نشيط، يتجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار والمشاركة في الاجتهاد الجماعي” جاء في الميثاق:” تسعى المدرسة المغربية الوطنية الجديدة إلى أن تكون:

… مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي، والمجتمعي، والثقافي، والاقتصادي. ” وعلى نفس النهج ينبغي أن تسير الجامعة؛ وحري بها أن تكون مؤسسة منفتحة وقاطرة للتنمية على مستوى كل جهة من جهات البلاد وعلى مستوى الوطن ككل. هذه التعبئة التي تجسدها هذه الفقرة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين وغير ذلك من الأطر المرجعية وخصوصا أحكام القانون الإطار رقم 17 – 51 بمثابة إطار تعاقدي ملزم للدولة ولباقي الفاعلين والشركاء المعنيين في مجال التربية والتكوين؛ قلت هذه التعبئة لا يمكن أن تبقى مجرد خطاب عام ، وانما يتعين أن تصبح نسقا منظما ببعد التقائي يرسخ مسؤولية الفاعلين المباشرين في المدرسة ،ومحيطها وشركائها ويؤمن تملكهم لأهداف الإصلاح وانخراطهم في تطبيقه وتتبعه وفق التدابير التي تتماشى مع طبيعة موقعهم المجتمعي والتي حددتها الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 من خلال المشروع المندمج رقم 15 وذلك بالإشارة لأهم التدابير الواجب القيام بها وتبنيها من أجل إعطاء نفس جديد لأدوار الفاعلين وانخراطهم وهي كالتالي :


الفاعلون التربويون:

• إرساء تعاقد معنوي لتجديد الثقة

• إرساء دينامية متجددة للحوار والنقاش المنظم

الأسر:

• إشراك الأسر في تدبير المؤسسة عبر تثمين دور جمعيات آباء وأمهات التلاميذ

• تثمين علاقة تفاعلية وسلسة مع الأسر

• تنظيم دورات تكوينية لفائدة الأسر

وسائل الإعلام:

• تحقيق دعم موصول للمدرسة من طرف وسائل الإعلام

•إذكاء النقاش العمومي حول المدرسة

•وضع آليات لضمان الحصول على المعلومات الموثوقة في إطار تفعيل الدستور

4. هيئات المجتمع المدني :

• إطلاق مبادرات موسعة تنبني على التركيز على المشاريع ذات الأولوية للمدرسة

• تعزيز كفاءات المشرفين على الشراكة

• تعزيز الاستفادة من التجارب والممارسات الجيدة

5. الفاعلون الاقتصاديون :

• توسيع إخراط المقاولات ومنظماتها المهنية في شراكات مؤسساتية مع المدرسة

• تعزيز تواجد مثلي المقاولات في مجالس التدبير

• توفير بنك المشاريع جهويا واقليميا ومحليا قصد توجيه

• الشراكات نحو المجالات ذات الأولوية


وعموما يجب ان تنصب مجالات التدخل على التواصل والشراكة وقيادة التغيير ولعل مشروع المؤسسة المندمج الذي توصي وزارة التربية الوطنية بتعميمه، سيكون له دورا حاسما في تجسير هذا الانفتاح وترسيخ شراكات تربوية تخدم المؤسسات التعليمية وتسهم في تجويد التعلمات لذي التلاميذ(ات) والارتقاء بفضاءات المؤسسات وانشطة الحياة المدرسية باعتبارها هي العمود الفقري لمنظومة التربية والتعليم والتكوين


إن ما تجدر الإشارة إليه في خاتمة هذا الحديث المركز هو أن تفعيل الشراكة التربوية يترجم انفتاحا على المحيط لتحقيق أهداف مشتركة وفق استراتيجية مستندة إلى الحكامة والتدبير الجيد.. وهذا يقتضي أن يكون الرهان حول تفعيل ونجاح مشروع المؤسسة المندمج رهانا تشاركيا وتعاقديا ً، تتآلف الجهود في إنجازه من تحديد المنظور والرؤية الى التتبع والتقييم مرورا بالتخطيط والانجاز والتدبير، وتتكاثف الإرادات في إنجاحه خدمة للأجيال المنتظمة في المؤسسة التربوية والتعليمية بوصفها إطارا جامعا لتطلعات المجتمع برمته وافاق تنميته وتأهيل موارده البشرية.


والمؤسسة التعليمية كمؤسسة تربوية واجتماعية ، لها من الفاعلية والأهمية ما يجعل الحكومات والمجتمعات المحلية تركن إليها كاستثمار بشري وتنمية وطنية مستقبلية واعدة ، تقتضي تعبئة مجتمعية من اجل إرساء مدرسة التغيير والجودة والمستقبل ، ولعل ذلك ما أكدت عليه جل الأطر المرجعية لمنظومة التربوية والتعليم والتكوين من الميثاق الوطني للتربية والتكوين الى خارطة الطريق 2022-2026 مرورا بالرؤية الاستراتيجية 2015-2030 وأحكام القانون الإطار رقم 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بمثابة إطار تعاقدي ملزم للدولة ولباقي الفاعلين والشركاء المعنيين في مجال التربية والتكوين.


وهذا ما سوف ينعكس على إصلاح منظومة التربية التعليم وجودتها وملاءمة مخرجاتها للحياة الاجتماعية ، حيث أن هناك العديد من التجارب التي أثبتت نجاح المشاركة المجتمعية في الإصلاح المدرسي، وذلك من خلال المشاركة الفاعلة وإتاحة الفرص الحقيقية لأفراد المجتمع ومؤسساته من أسر، ومجالس آباء، ومدرسين، وفاعليين مجتمعيين ، وقادة وقامات مجتمع، للمساهمة والمشاركة في التخطيط والتدبير للمشروع المدرسي، وتبني تصورا للنهوض والارتقاء بالمدرسة من اجل الارتقاء بالفرد والارتقاء بالمجتمع عبر الشراكات والتواصل مع المحيط الخارجي، حيث تشكل الشراكة جزءً لا يتجزأ من التنظيم المهيكل للحكامة التربوية وفقا للتوجهات الهادفة إلى تعزيز آليات التنمية الشاملة في مجالات التربية والتعليم والتكوين. ويتعين على كل مؤسسة تعليمية عقد شراكات بهدف ترسيخ قيم وسلوكات قادرة على:


جعل المؤسسة التعليمية متفاعلة مع محيطها العام، متأثرة به ومؤثرة فيه؛

خلق ثقافة مؤسساتية تسمح بربط جسور التواصل مع الأسرة والفاعلين الاجتماعيين، والاقتصاديين، والثقافيين..؛

جعل مسؤولية تدبير المؤسسة التعليمية مسؤولية جماعية تشترك فيها الجماعات المحلية والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية..؛


إنجاز مشاريع تربوية تقوم على التطوع والمبادرة والتعاقد حول البرامج والأهداف الساعية إلى تحقيق الجودة وترسيخ ثقافة المشروع الجماعي التشاركي او ما أصبح يسمى اليوم بمشروع المؤسسة المندمج الذي يشكل إطارا متكاملا وجامعا لكل ما تقوم به المؤسسة التعليمية، وذلك انطلاقا من تشخيص ورؤية محلية وأولويات وعمليات تتضافر كلها من أجل الارتقاء بأداء المؤسسة وتحسين جودة التعلمات، وذلك عبر مسيرة متأنية ترسي تحولات تدريجية وتعزز أدوار المؤسسة في تجديد أساليب العمل.


المؤسسة التعليمية هي مؤسسة اجتماعية وتربوية، تقوم بتربية النشء وإكسابهم مهارات وكفايات شخصية واجتماعية ومهارات حياتية، لتسهيل اندماجهم في مجتمعهم وتكيفهم معه ومن تم فهي مدعوة قبل غيرها، لأن تكون منفتحة باستمرار على محيطها باعتماد نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في صلب اهتماماتها الأمر الذي يستدعي دعم تفاعلها مع المجالات المجتمعية والثقافية والاقتصادية، لتكون بحق “مرآة متجددة لمعالم مجتمع الغد”.

شارك :

لا تعليقات في " الرأي النموذج التنموي الجديد..التوجهات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية ودور انفتاحها على محيطها في تحقيق مطلب الجودة "

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM