شريط الاخبار

قائمة

حول تداعيات السرقة بابن جرير:لماذا سرق هؤلاء الشباب؟



محمد الجويري
ما تزال تداعيات حدث القبض على الشباب المتهم بالسرقة داخل ابن جرير تلقي بظلالها على ساحة الاحداث,خاصة عندما يتعلق الأمر بشباب لا يتعدى أغلبهم 15 سنة مما يطرح علامات استفهام كبرى بخصوص ذلك.                                                
هناك دوافع متداخلة من الصعب تحديدها ما بين ما هو سيكولوجي/سوسيولوجي وبين ما هو اقتصادي/بيئي.سنحاول مقاربة ذلك عبر اجتهاد مبني على معطيات ربما تقربنا من دوافع الحدث.قبل الانطلاق في التحليل لنلقي نظرة على الرأي العام المحلي,الذي انقسم إلى تيارات متباينة في الرأي.ذهب بعضهم إلى رفع القبعة لرجال الأمن الذين تفاعلوا مع نداءات المواطن المحلي المنددة بعودة السرقات إلى المدينة بعد هدوء تام عاشت قبله ابن جرير"حكرة الشفارة".في حين ذهب رأي قريب من التطرف إلى أن هؤلاء الشباب"يستاهلوا كيديوا رزق عباد الله ليدار الذنب يستاهل العقوبة"لكن رأي آخر معتدل ندد بالسرقة ولكن يتفاعل نفسيا مع سن ال15 عام الذي هو بداية العنفوان وتفتق ريعان الشباب الضائع مما يجعل هذه الفئة تستعمل لفظ"مساكن/مسكين"في كل تعليقاتها.                                 
آراء مختلفة للساكنة المحلية التي تفاعلت مع الحدث عبر طرح زوايا متعددة للنقاش بين ما هو موضوعي وذاتي,لكن بالاضافة إلى الفعل الجرمي الذي ما تزال التحقيقات مستمرة بشأنه لا يسعنا سوى تحليل أسباب السرقة بدل الحديث عن عصابة إجرامية لأن ذلك سابق لأوانه .هناك دوافع عامة وأخرى خاصة,فأما الأولى ترجع بالأساس إلى التفسخ العائلي الذي أصبحت تعاني منه الأسرة المغربية بشكل عام والتي انهزمت لصالح مؤسسات أخرى ,لم تعد تقوم بدور التربية المنوط بها مما يجعل طفلا لم يبلغ السن القانوني يبحث عن الدفئ خارج الإطار الأسري ما دام الأب بعيدا غير مهتم سوى بمحاربة الزمان الذي لم يعد يسمح له باستثمار وقته في العناية بأبنائه ومراقبتهم,نفس الشيء ينطبق على الأم التي انهزمت لوسائل الإعلام الذي أصبح الجهة الرسمية لمخاطبة الأبناء ولإجراء الحوار إي من الوالدين عبر التلفزة مثلا إلى الأبناء,بمعنى غياب الخطاب المباشر الذي طغى عليه الخطاب الاعلامي وهذا هو العنصر الثاني العام الذي بات يشكل شبحا في وجه الأسرة التي فقدت السيطرة على الأبناء بسبب هيمنة وسائل الاتصال على العقول ,ونحن هنا نقصد الجانب السلبي في الإعلام الذي بات يستحوذ على شخصية الطفل والشاب وبالتالي تكييفها على المقاس المراد,مما جعل شبابنا يصاب بالاستيلاب,والانفصام في الشخصية ما بين الهوية والاغتراب ,والتي يساهم فيها المحيط البيئي بشكل فعال من خلال انتشار مقاهي القمار و"الكولفازيرات"التي باتت تؤتث فضاء ابن جرير وتساهم إلى جانب الشارع والهدر المدرسي الركيزة الأساسية لتكوين شخصية هؤلاء الشباب المتهمون بالسرقة,بالإضافة إلى انتشار المخدرات وبيع الخمور"بالعلالي"التي فرضت نفسها على الشباب المحلي ما دام القانون منحها رخص البيع وحرمها على الشباب وكل من تبث عليه السكر أو التعاطي يعاقب,مفارقة عجيبة في قانوننا المحترم؟.
أم الأسباب الخاصة فتعود للوضعية الاقتصادية التي يعاني منها هؤلاء الشباب والتي دفعتهم إلى سرقة"بيمو والحلوة"غير مبالين بالعواقب القانونية للسرقة,ثم مشكل المراهقة الذي هو المرحلة الحقيقية لتكوين الشخصية والتي يصبح فيها الشاب عدوانيا لا يتقبل الأوامر ويحب التصرف من تلقاء نفسه,و عدم التفاعل معه في هذه المرحلة يعيق التكوين ويساهم في الانحراف"والأباء دياولنا مساكن ما مسالينش لداكش مدينها غير في الخبز والزمان والماء والضوء إلا من رحم ربك"مما يعرض المحيط الاجتماعي بأكمله إلى الانحلال وبالتالي ارتماء الشباب المحلي في أحضان الشارع والهروب من الواقع إلى عوالم أخرى عبر التعاطي للمخدرات والخمر أو الادمان على الانتريت وبالتالي تنفيذ خطط للسرقة بمباركة الرفقاء والشبة العنكبوتية التي توفر الخطة المنشورة على صفحاتها وهكذا يبدأ الفعل الجرمي في التنامي والذي يوهم هؤلاء الشباب بالذكاء والقدرة على الفعل "والنشاط والقصارة"ما دام مشكل المال قد تم حله ولو كان بالسرقة.         
الغريب أن الآباء يلاحظون علامات اللباس والمال لدى أبنائهم ولا يتساءلون مع علمهم المسبق ببطالة أولادهم؟.كل هذه العوامل التي تم ذكرها تطرح مجموعة من الاستفسارات والتساؤلات بخصوص هؤلاء الشباب المتهمين بالسرقة:                                     
لكي لا نسرق بادروا بإصلاح الأسرة .                              
لكي لا نسرق قدموا لنا إعلاما تربويا إصلاحيا وتعليميا بدل استيراد ثقافة الآخر المهيمن من خلال أفلام الرعب والقتل.        
لكي لا نسرق بادروا بإصلاح المنظومة التعليمية التي لا تخدم التلميذ وأعيدوا الاعتبار لقيمة الأستاذ المربي.                      
لكي لا نسرق "خدموا ولاد الشعب".                                
لكي لا نسرق يجب التركيز على خلق جيل مبدع من الشباب عبر الاهتمام به تربويا وفنيا وعلميا ورياضيا.                           
لكي لا نسرق ارفعوا من المستوى المعيشي للأسر مقارنة مع ارتفاع الأسعار.                                                       
وخلاصة القول ما دامت كل هذه العوامل مجتمعة تفاعلت بشكل سلبي في إنتاج شخصية مشوهة من الشباب الفاقد للحرية والاستقلالية الذاتية والفكرية التي جعلته يسلك طريق الانحراف ونحن لا نعمم طبعا كما أسلفانا.يجب أن نستحضر روح القانون إلى جانب القانون ,نحن لا نترافع عمن سرق ولكن نحلل حيثيات وملابسات دوافع السرقة التي يتداخل فيها ما هو موضوعي وما هو ذاتي.                                                                

شارك :

التسميات:

لا تعليقات في " حول تداعيات السرقة بابن جرير:لماذا سرق هؤلاء الشباب؟ "

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM