شريط الاخبار

قائمة

قراءة في المقال التوضيحي للامين الاقليمي بالرحامنة


محمد الجويري
بداية يجب تحديد المفاهيم بدقة ,لأن إشكالية المفهوم يمكن أن تجني على الخطاب من أساسه.                                             
قال الرسول صلى الله عليه وسلم"دعوها فإنها منتنة"في حديثه عن العصبية القبلية,فالحديث باسم القبيلة لا يعني البثة النزعة والتعصب ولكنه من باب تحصيل حاصل كما يقال,لغة تواصل بين مرسل ومرسل إليه.فالقبيلة تاريخ متجدر في الحضارة المغربية ما تزال آلياتها تمارس في السلطة(نموذج الظاهرة القائدية,الشيوخ والمقدمين)أليست هذه النماذج من إرث القبيلة,أليست الأحزاب التي تدعي الحداثة,تمارس عملها السياسي بآلية القبيلة ما بين المريد والأتباع,والتي طبعت بمفاهيم متقدمة,أليس السلوك الانتخابي نفسه يتم بطريقة الانتماء القبلي(المرشح ولد القبيلة نموذج الانتخابات السابقة والتي أفرزت فوزا ساحقا لحزب ولد القبيلة),وكتاب المفكر عبد الله العروي"مفهوم الدولة "يعطي دلالات في شأن ذلك.                                                 
الحسن الثاني,ومحمد السادس عندما يخاطب الشعب يبدأ بكلمة"شعبي العزيز"لما لها من دلالة الارتباط بالجد الأول الذي يلتقي عنده كل أفراد المجتمع,بنفس مضمون القبيلة التي تربطها علاقة دموية بالنسب الأول,عكس إذا تحدثنا عن السكان والتي تعني الخليط من أشخاص لا يربطهم نسب.لهذا انتقاء المفاهيم بدقة متأنية حتى يكون الخطاب متكاملا وفي مستوى الحدث ,المسألة تتطلب تراكم سياسي ولغوي وتاريخي في كل صياغة .           
القبلية  بالمعنى الايجابي هي امتداد  تاريخ ضارب في القدم من الصحراء المغربية حتى إفريقيا ,هي انتماء نسب يختلف تماما عن التعصب لقبيلة مع إقصاء الآخر الذي هو شريك في الجد الأول والهوية. القبلية عند ابن خلدون تخص القبيلة الأكثر توحشا خاصة البدوالذين كانوا في حاجة للتوحد والعصبية من أجل الدفاع ضد العالم الخارجي,أما القبلية في النظرية الانقسامية"لروبيرمونطان" فقد ارتكزت على قاعدة"أنا وأخي ضد ابن عمي ,أنا وأخي وابن عمي ضد العالم الخارجي".في الوقت الحالي يكون الصراع داخل العائلة,وداخل القبيلة ويكون ضد العالم الخارجي إذا تعلق الأمر بالمساس بأمن المغرب ومقدساته ,كما يقع في ملف الصحراء ,إذن الحديث عن القبلية بالمعنى العام  لا يتعارض مع التنمية سواء كانت محلية أو وطنية,بل هي جزء منها ومن الموروث الثقافي الذي يجب استغلاله واستثماره في التنمية,وتوجيهها بالشكل الذي يتماشى مع التنمية البشرية لهذه الأسباب قلنا أن تحديد واستعمال المفاهيم يجب أن يتم باحترافية حتى لا يتم السقوط في تأويل الخطاب الذي يحسب على صاحبه. دعونا من المفهوم ولنطرح سؤالا بخصوصه :هل تساءل أحد من المسؤولين يوما عن الأسباب الحقيقية وراء القبلية ؟أكيد المسألة لا تتأتى بالخطاب ولكن عبر دراسة تشخيصية وسوسيولوجية لمكامن الخلل حتى يتم معالجته بالشكل اللازم.                                               
متى ظهرت ما يسمى بالقبلية؟ظهرت بشكل جلي مع المشروع التنموي,الذي أغفل الخصوصية المحلية والتنمية البشرية,مركزا على ما هو اقتصادي"في شكل حيوط التي لا تعني بتاتا التنمية"متغافلة التنمية البشرية على حد تعبير ناس الغيوان"ما هموني غير الرجال إلى ضاعوا لحيوط إلى رابوا كلها يبني دار".التنمية الاقتصادية شيء جميل في إطار المشروع الملكي لتنمية كل الجهات ولكن أين ساكنة الرحامنة بالمفهوم القبلي الذي تم طرحه في المقال التوضيحي للأمين الاقليمي؟ هل تم إشراك الفعاليات والنخبة المحلية؟هل أعددنا المواطن المحلي؟ هل تم تهييئه نفسيا واجتماعيا ليكون في مستوى الحدث؟بالطبع لا عندما استبعد أبناء المنطقة,ونخبتها ومجتمعها المدني من المشروع التنموي عبر إملاءات عمودية ظهرت ما سمي بالقبلية في شكل احتجاجات مطالبة باشراكها في التنمية المحلية التي قال عنها السيد الأمين أنها وطنية وجهوية وأن الرحامنة أو ولاد البلاد عندما يطالبون بتنمية بشرية فهم ينعتون بالقبلية وإن كان المصطلح بعيد عن واقع التحليل.                                                     
الاحتجاجات ليست من القبلية عندما يكون الاقصاء,المدينة الخضراء والفوسفاط و"البوليتكنيك"و"مركز الصناعات الغذائية"وغيرها من المؤسسات التي تفخر بها المنطقة,هي حق لكل مغربي وجزء من الهوية المغربية والجهوية,لكن لا يجب تزييف الخطاب باسم الواقع الذي هو يفضح كل شيء ولا يحتاج لتبرير.                                                                 
نوادي قرب,ومراكز صحية منها من يشتغل ومنها  من يتآكل بفعل الاغلاق, بطالة لا تتماشى وحجم المشاريع المنجزة,تواصل منعدم ,جمعيات منخورة من الداخل مع الاشارة إلى عدم التعميم طبعا.لماذا إذن لم يتم وضع تشخيص اقتصادي واجتماعي على مستوى كل حي وبناءا عليه يتم وضع مخطط استراتيجي تخضع له كل الجمعيات بعد أن تكون قد خضعت هي الأخرى لتكوين لمدة شهرين على الأقل والذي سيفرز لنا العمل الجاد الخاص بكل جمعية ,فالنفس الطويل هو اختبار حقيقي لكل عمل جمعوي,أما أن يتم تفريخ الجمعيات بدعوى الانفتاح ,لن يكون في صالح التنمية بقدر ما ستكون رهان سياسي بامتياز يخضع للولاء والتحيز مما يجعل العمل الجمعوي قطاع غير منتج وهذا لا يخضع للتعميم,وبالتالي التطاحن بهدف الحصول على الدعم مع مضمون فارغ,لا برنامج ولا استراتيجية,بل تمييع العمل وبالتالي بطالة الجمعيات التي ترجع بالمنطقة خطوات للوراء والتي كان من المفروض فيها أن تقود التنمية لكن تم تدجينها باسم المال والمصلحة,فجمعية تنمية القدرات"سكيلز"منذ نشأتها لم تبنى على تحليل موضوعي قبلي لواقع المنطقة مند أن حلت بالمنطقة,لذلك كانت كل مخططاتها ومشاريعها فاشلة تقريبا اللهم الضجة الاعلامية التي تحسب للمسؤولين تجعل منهم محرك تنموي فعال.كل هذه الوقائع تراكمت على الساكنة المحلية التي رأت أنها مقصية من مشروع تنموي يضرب به المثل داخل المغرب وخارجه,ولكن لم يتم تسويقه محليا,لذلك اتسعت الهوة وكثرت الاتهامات بين مهاجم ومدافع عن التنمية التي ترى الساكنة أنها لم  تستفد منها,كان على الأقل تأهليها بما يليق بحجم هذه المشاريع في المستقبل .من هذا المنطلق المشروع التنموي لم يكن دعامة أساسية في نهضة اقتصادية بالمنطقة,ولكن أيضا مساهم أساسي في تنمية القبلية بدعوى تحييد المواطن المحلي وعدم إشراكه في هذا المشروع الذي هو جزء منه ومن مشروع وطني ما دام يرتكز على بند أساسي"الكرامة والعيش الكريم لكل أبناء الرحامنة".عندما يتم الدفاع مطالب في إطار مشروع داخل عمالة الرحامنة لا يعني ذلك قبلية,وإلا ماذا يعني الاسم المعطى لعمالة الرحامنة,الشاوية ورديغة,الشراردة بني حسن وغيرها من العمالات التي يجب محو الاسم القبلي لنقول عمالة ابن جرير أو سيدي بوعثمان,الصخور....؟                                               
سؤال مهم لكل مسؤول هل كانت ما يسمى بالقبلية ظاهرة للعيان بالمنطقة؟أبدا لم تكن كذلك,من المسؤول عن ظهورها إذن ؟الساكنة المحلية أم المسؤولين.الوقائع المذكورة كفيلة بالجواب عن ذلك.   
لنترك القبلية ترتاح في تربتها لأن زمن تاريخها ولى,نحن اليوم في سيادة الدولة,لا داعي لأن نتحجج بمفاهيم من الماضي,تغليف الواقع ليس حلا في دولة تنشد الديموقراطية والشفافية.التحليل والدراسة وتقبل النقد هو من سمات التطور,حتى ولو كان من صحافة صفراء,فالرسول عليه السلام في حديثه مع ابي هريرة في ما معناه: عندما جاءه رجل يطلب مالا من بيت المال الذي كان أبو هريرة  خازنه بدعوى أن أطفاله جياع,فرفض أبو هريرة,فقال الرجل أعلمك شيئا على أن تعطيني,عليك بآية الكرسي فإنها تطرد الشيطان,عندها قال له رسول الله فيما معناه خذي النصيحة فذاك الرجل هو الشيطان.قبلية,قبيلة,عصبية,نزعة ,رحماني ,سرغيني ,شاوي مصطلحات لم يعد لها مكان في إطار التنمية وسيادة الدولة,هي شبيهة بمصطلحات الموضة كالعولمة و"الكاط"والاقتصاد الحر كلها مفاهيم سرعان ما يتم نسيانها لفائدة مفاهيم جديدة ترتبط بتقدم الدولة ,لكن مصطلحات لا يمكن مقارنتها بالخبز والشغل والعيش الكريم,الذي هو أساس التنمية.لننتقل إلى القراءة الثانية المتعلقة بالماء                      
وما أدراك ما الماء,قال تعالى "وجعلنا من الماء كل شيء حي"صدق الله العظيم.مستقبل الحرب القادمة في العالم الماء وليس البترول,إسرائيل تتودد لتركيا لسبب بسيط أن منبع المياه التي تذهب لإسرائيل هو تركيا.هذا للتاريخ وللتذكير فقط المخطط التنموي لإمداد المياه شمال/جنوب أو غرب/جنوب لا يتنافى مع طموحات الجهوية ولا حتى ساكنة المنطقة التي تحرم في كل مرة من الماء بسبب الانقطاعات المتكررة اللهم في الزيارة الملكية. تقوية قنوات المياه عبر سد المسيرة أو غيره لا يتعارض مع ما تم طرحه عبر الجرائد الالكترونية بدعوى القبلية,ليس الأمر كذلك بل هو انخراط من هذه المواقع في المشروع التنموي عبر التنبيه إلى ثروة وطنية مهددة في أية لحظة,وفي نفس الوقت فهذه الجرائد هي عين المواطن الساهرة على كل تسيب وإفراط وتبذير ومساعدة كل مسؤول من أجل التحرك لوقف نزيف الفرشة المائية المزودة للمنطقة بمياه الشرب,والتي لن يتم تعويضها إلا عبر سنين متعددة بفعل الإفراط الذي تعرضت له قبل المشروع التنموي وتتعرض له الآن في ظل المخطط الأخضر,وإن كان التبرير عبر السقي بالتنقيط.من المستفيد من ذلك ؟                                       
أين هي القبلية من هذا إذن؟هل تصمت الأقلام لخاطر المشروع التنموي والريع الاقتصادي الذي يتوافد على المنطقة؟شيء من العقلانية في التدبير والتحليل.الإعلام المحلي جزء من المشروع التنموي بالرحامنة والجهة والمغرب عامة.                         
من يسوق المشاريع للمواطن؟ الإعلام طبعا ,من يساهم في تواصل المسؤول بالسكان ؟الإعلام طبعا.ومن...ومن.                      
المحصلة الإعلام لم ولن يسوق يوما لنزعة قبلية,انغلاق المؤسسات ,والسلطات والمسؤولين على أنفسهم هو من ساهم في بروز ما يسمى بالقبلية.أين الانفتاح على الإعلام على المجتمع المدني؟ولا مرة تحدث مسؤول خارج مؤسسته لوسائل الإعلام باستثناء السيد محب التهامي في بغض المرات,اللهم داخل مقر الحزب,أو خلال الدورة العادية للمجلس.                            
الغريب في الأمر أن كل السلطات المحلية لها قسم تواصل لكنه تحت الوصاية لا يعمل لا ينفتح على المحيط,إذن كيف نطلب من مواطن التقرب من مؤسسات هي في الأصل منغلقة على نفسها,تعمل بانفرادية دون اعتبار للتنمية البشرية التي المحرك الأساسي لكل تنمية بمفهومها الشامل.                                
نهاية القول التنمية للجميع,والقبلية بمفهومها الانتروبولوجي جزء من الهوية المغربية,ليست القبلية المتطرفة المبنية على الاقصاء,ولكنها خصوصية مغربية ضاربة في القدم والتاريخ والتي قامت على أنقاضها دولة الحق والقانون.التاريخ لا يعود والواقع لا يمكن"تغطيته بالغربال",فكما للإشتراكية وللرأسمالية أخطاء,فللتنمية أخطائها هي الأخرى والتي يجب تحديدها وتحليلها ودراستها ومعالجتها في أفق الحد منها أو القضاء عليها إن أمكن .
التنمية لا ترتبط بالمسؤول فقط ,بل هي على علاقة مباشرة بالمواطن أيضا ,علاقة جدلية بين شركاء في المشروع,الخطأ أن المسؤولين تحملوا عبء التنمية فأصبحوا في مواجهة مع شريك الأمس ,يقصد بذلك المواطن,الذي لم ينخرط في المشروع منذ البداية فكانت النتيجة أن أحس الساكن المحلي بالاقصاء من مخطط كان بالامكان أن يكون شريكا فيه,مما خلف ردود أفعال لديه عبر حركات احتجاجية موضوعية مطالبة باشراكها في التنمية,أو عبر تسويق سلوك سياسي في شكل احتجاج من طرف أحزاب معارضة . الشعارات لا تعنى أن الرحامنة قبلية, فكم من الشعارات رفعت باسم "ارحل فلان,لا ديموقراطية لا تنمية"إصدار الأحكام بمنطق الشعارات يجانب الصواب والحس السليم.         
خلاصة القول:لا بد من التذكير أن التنمية البشرية هي نواة كل تنمية,عبر اشراك المواطن بشكل غير مباشر في جمعيات مؤهلة ,ثم الانفتاح على التجربة الاعلامية من خلال عقد ندوات مع الصحافة بخصوص المنجز وغير المنجز والاكراهات في المشروع التنموي بهدف التواصل مع المواطنين خطوة بخطوة لتوضيح الرؤى,وإزالة الغموض والتشويش الذي يعتري التنمية بالمنطقة وتقريب الهوة مابين المسؤول والمواطن في إطار جو من الديموقراطية التي تتلبس شيئا من الضبابية واللبس,على اعتبار أن المسؤول يرى أنه أدى ويؤدي دوره كما ينبغي وزيادة في حين أن المواطن يذهب غير ذلك على اعتبار أنه بعيد عن اهتمامات القائمين على الشأن المحلي وأن المشروع التنموي يغيب التنمية البشرية ويتولد لديه إحساس "بالحكرة"عندما يسمع عن مشاريع ضخمة عبر وسائل الاعلام لكنه لا يعتبر شريكا فيها ومن تم يكيل الاتهامات للمسؤول ,والدليل على ذلك أنه يتم التمادي في الخطأ  باسم المخطط التنموي 2015/ 2018الذي أصبح جاهزا على حد تعبير السيد محب, لكن المواطن لا يعرف عنه شيئا,كان بالأحرى تسويقه إعلاميا بكل ملابساته عندها لن يتم تحميل المسؤول كل أخطاء التنمية والإكراهات  التي تعترضه وستعترضه في المستقبل إن هو استمر في اقصاء شريك التنمية أي المواطن.                

شارك :

لا تعليقات في " قراءة في المقال التوضيحي للامين الاقليمي بالرحامنة "

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM