مسبح الكرامة بابن جرير.
طارق بنحسي
في جو حار جدا وأنا أمر بجانب مسبح المنتزه الذي دشنه صاحب الجلالة نصره الله،و الذي يحمل شعار السباحة للجميع، استرعى اهتمامي أمر مجموعة من الأطفال يتجاوز عددهم العشرين، يتوسلون إلى المسؤولين بشتى الوسائل من أجل السماح لهم بالسباحة لكن بدون جدوى..لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي.
استمعت الى مشكل هؤلاء الأطفال ، ووعدتهم أن أوصل صوتهم إلى الرأي العام المحلي، قالوا أن أحد العمال المكلفين بالمسبح يطلب منهم رشوة من أجل الدخول.. "دبر عليا ...دور معايا عاد نخليك تعوم" وأنهم بالمقابل يسمحون بالدخول إلى معارفهم وذويهم .
بعد حوار أجريته مع أحد المسؤولين الذي جاء صدفة إلى عين المكان، قال أنه لا يمكننا السماح للأطفال بولوج المسبح دون ترخيص من أولياء أمورهم، أو دون ترخيص و تأطير من جمعية تحتضنهم.
فأخبرته أن هذا المنطق لا يعمل به في هذا المسبح من طرف بعض المكلفين بحراسته وأن المنطق والشعار السائد حسب ادعاء الأطفال وحسب ما عاينته شخصيا هو "باك صاحبي دخل تعوم ".
أعتقد أن السباحة للجميع تعني أن يسمح للجميع بدون استثناء بالسباحة بشكل منظم، وأن دور المسؤولين هو توفير الحماية والأمن داخل المسبح، وأنه يجب أن يعاد النظر في هذه الشروط المجحفة،فليس كل الأطفال بإمكانهم إيجاد جمعيات تحتضنهم.
بصراحة أشفقت على هؤلاء الأطفال، لأنني عانيت كما عانى أجيال من أبناء بن كرير من هذا المشكل، حيث
أحسسنا لسنوات طويلة من الزمن بالحكرة وكأننا مواطنين من الدرجة الثانية في مدينتنا هذه، منذ كنا صغارا ونحن نقصد مسبح الحاضرة الفوسفاطية قاطعين مسافة طويلة جدا مشيا على الأقدام في حرارة الرحامنة وما أدراك ما حرارة الرحامنة،طمعا في السباحة والاستجمام، لكن وللأسف كنا نستقبل من طرف المسؤولين بعبارات يندى لها الجبين،عبارات جارحة ممزوجة بالعنصرية واش نت ولد موظف بالفوسفاط ؟؟ واش نت ولد لوسيبي أولا ولد بن كرير؟ فنجيب ببراءة وسداجة لا أنا ولد بن كرير " إيوا سير مين جيتي العروبي لي ولدك".
تخيلوا معي أيها الأحرار، كيف كنا نحس انداك ونحن أطفال صغار لا حول لنا ولا قوة، كان حلمنا الوحيد هو أن نسبح وأن تنعم أجسادنا الصغيرة بماء منعش بارد يقينا لهيب الحرارة الرحمانية.
لكن المسؤولين لم يحسوا يوما بما نحس، وكنا نقضي يومنا نراقب أبناء المواطنين من الدرجة الأولى وهم يستمتعون..كنا ننتظر ونأمل أن تشفق علينا قلوبهم.. لكن وللأسف كانت قلوبهم قاسية كالحجارة أو هي أشد قسوة....كان البعض منا يبحث عن البدائل الخطيرة كالسباحة في الأبار و السانيات، أو الشاريج الخاص بالمجزرة "البطوار" أو شاريج أحد الدواوير المجاورة للمدينة بل هناك من يذهب الى واد ام الربيع رغم بعده وخطورته.
أنا شخصيا أقسم بالله أني كنت أسبح في "البحيرة" هل تتذكرونها ؟؟ نعم ودون شك سيتذكرها كل المستضعفين...كانت أمام ما يسمى حاليا بالمنتزه ، وهي عبارة عن مستنقع به مياه راكدة يحوي جميع الحشرات و الأزبال الأوبئة و الضفاضع والزوغلال ...
للأسف تعلمت المبادئ الأولى للسباحة فيها.
لذلك ومن خلال هذا المنبر أوجه رسالة إلى كل المسؤولين، أما آن لقلوبكم أن ترق وتشفق على أبناء بن كرير ..أليس من حق أطفال مدينة الفوسفاط أن يستفيدوا من مسبح كبير بشروط تضمن كرامتهم ويكونوا فيه سواسية كأسنان المشط، يكونون فيه مواطنين من دون درجات،و أن يشملهم شرط واحد" خلص ثمن معقول أو دخل تعوم"
في الأخير يجب أن تعلموا جيدا أن الشعب يريد " مسبح الكرامة بابن جرير"
لا تعليقات في " مسبح الكرامة بابن جرير. "