شريط الاخبار

قائمة

جوج فرنك و العنف الرمزي ؟؟


تصريحات الوزيرة شرفات أفيلال حول   تعويضات البرلمانيين والوزراء  اعتبرها غالبية رواد شبكة التواصل الاجتماعي اهانة  , و دفاع عن اقتصاد ريع سياسي  .

 لكن  هناك من اعتبر الحملة  خطابا شعبويا ينم عن نقص تكوين سياسي و يعبر عن وقاحة و انعدام اخلاق حزبية , مما يجعل الموضوع اكثر تعقيدا و سجاليا مفتوحا على اكثر من قراءة .

  لذا , يبدو ان بين النقاش الدائر و الساخن يطرح اكثر من نقطة نقاش وبتيح الكثير من مساحات التفكير في الفعل و في دلالاته .

اولا :  سياسيين جدد و جغرافية الاحتجاج في اللامكان .

الحدث ابان اننا امام حزب سياسي جديد و امام سياسيين جدد , الامر يتعلق برواد شبكة التواصل الاجتماعي حيث نقطة الالتقاءو التواجد السريع والمستمر والتعبير عن القناعات والافكار وتصريف المواقف والانفعالا ت دون اية وصاية او قيود حزبية او بيروقراطية , حيت الانتماء يكفي وجود شبكة اصبح الولوج اليها متاحا للجميع في ظل منافسة شرسة بين الفاعليين في القطاع .

حجم الادانة والشجب و تحويل كلمة بسيطة قيلت انفعالا او اقتناعا من مسؤولة -اعتذرت فيما بعد وهو اعتذار بطعم الاساءة المزدوجة , لان المناضل السياسي لا يغير مبادئه وقناعته , ان لم اقل يموت من اجلها , وليس يعيش منها .

حجم الادانة والشجب والسخرية كان كبيرا ومدويا , لدرجة انه اصبح الصوت الوحيد في عالم الازرق ,واللغة المشتركة لكل الرواد و المتفاعلين , هو تعبير احتجاجي عن اختلال و ريع غير مقبول بالمرة في زمن سياسي واجتماعي صعب , حيث المسيرات تملا الساحات العمومية بالرباط للمطالبة بالحق في التشغيل , واشكالية صندوق التقاعد و صندوق المقاصة و غيرها من البؤر الاجتماعية والتي تحتاج الى شجاعة الى مواجهة , وليس ابتكار مفاهيم و كلمات اركولوجية من اجل صنع الفكاهة من قبل محاربة التماسيح والعفاريت ؟؟

حجم الادانة يعكس ان وراء الاحتجاج والشجب منطقا للفعل يمكن ان يجد اساسه التفسيري  في فن نظريات التحليل النفسي,  من خلال مفهوم عودة المكبوث و تفجيره .  يبدوان  كلمة الوزيرة وهي تدافع عن تقاعد الوزراء والبرلمانيين و بشجاعة هو موقف يحسب لها و لجرأتها , في حين يمارس الاخرون صمتا بما في ذلك الذين يدعون الفضيلة والنقاء و كسب اموالهم بعرق جيبنهم , .

المكبوت المتفجر وبقوة من خلال حجم وكثافة التعليقات حول قضية مسكوت عنها كريع سياسي لمدة طويلة,  فقط لانه ريع فرض في زمن التحكم حين كان المغاربة يخافون من كل شئ حتى اعتقدوا ان للحيطان اذان تسمع وجدران تبلغ وشرطة تكمل المهمة  ؟؟

المكبوث المنفجر يعكس الصوت الخفي الذي وجد الفرصة للظهور,  من خلال منفذ كان اداة لتمرير رسائل و التعبيير عن المواقف ,   فليس المقصود الوزيرة بعينها  وانما المقصود تفجير طاقة نفسية مؤلمة كانت تمارس كعنف رمزي على البسطاء و المهمشيين والمعطليين وذوي الدخل المحدود والمسحوقين بتضخم يجعل غلاء الاسعار امرا ثابتا و المعاناة فعل مستمر .

ان تفجير مكبوت من اجل ترسيخ فعل سياسي بديل عن الممارسات السياسية التقليدية ذات الاساس المغلق والخاضع لحسابات سياسية حينا,   وسياسوية و لمنطق التوزيع والولاء والمصلحة في غالب الاحيان , هو امر اصبح واقعا من خلال تحويل كلمة عابرة الى سلوك احتجاجي والى ارضية لنقاش ملف معقد يمكن ان يكون مدخلا لاصلاح لانظمة كثيرة ومعقدة مثل  انظمة التوظيف والتعاقد و التغطية الصحية  ؟؟

يبدو ان السياسيين الجدد يستطعيون التاثير في السياسات العمومية , و صناعة راي عام وازن و ضاغط  ولعل العريضة التي توقع من اجل اعلان الغاء التقاعد المريح والغير المستحق بالمرة, و تشترط المشاركة السياسية في الانتخابات التشريعية بقرار الالغاء , هو ترسيخ لفعل سياسي جديد قوته ان يسكن في اللا مكان , مما يجعل التحكم فيه امرا معقدا ان لم اقل مستحيلا .

ثانيا : جوج فرنك و العنف الرمزي .

اعتقد ان السيدة الوزيرة لم تخطئ حين اعتبرت ان 8000 درهما لا تساوي 2 فرنك لان مستوى الحياة و تكلفتها مكلفة بالنسبة للاغنياء ,  حيت بصبح التقاعد بلا اهمية في منظور من يتبضع من خارج المغرب و يتشافى خارج المغرب و يقضي عطلته خارج المغرب ,  ما يربطه بالمغرب استخلاص  مصاريف الرفاه خارج وطن يعيش منه ولا يعيش له ..

الوزيرة اخطات حين اعتذرت , لان الاعتذار لا يكفي فالواقع قائم و اقتصاد الريع مستمر و التقاعد المريح لم يتغير فلماذا الاعتذار , اعتقد انها كانت الوزيرة الأكثر شجاعة,  حين صرحت بالحقيقة المؤلمة – و الحقيقة دائما تؤلم – , لكن تراجها و اعتذراها يعكس ان منطق الخلل مازال كبيرا , و ان مواجهة اختلالاتنا لم يمكن مواجهتها بالاعتذار وانصاف الحلول و بالكثير من الشجب و الاهانة .

حين احتج الناس وغالبية رواد شبكة الفيس البوك باعتباره فضاء الفقراء و المهمشيين و المعطليين , عكس شبكة التوتير والتي تقيم فيها النخبة و الطبقة المرفهة , حيت تغيب موجة الشجب .

فاحتجاج الفيسبوكيون كان على عدم احترام مشاعرهم , فالعاطل الذي لايجد ثمن الدخول الى الحمام , و الموظف البسيط من يتأقلم من ظروف الحياة الصعبة عبر جدولة مستمرة لديونه , مما يجعل مبلغ  8000 درهم مبلغا بمثابة حلم ؟؟؟

ان تصرح وزيرة ان 8000 درهم  لا تساوي غير جوج فرنك تعكس عنفا و تعسفا مزدوجا  :

عنف اول على مشاعر الناس و تعديا على خصوصيتهم , يبدو ان افيلال لم تخطئ حين دافعت عن موقفها من اقتصاد ريع سياسي و بشجاعة لكنها اخطات حين لم تراع خصوصية و مشاعر الكثيرين ممن يعيشون على الهامش و ان كانوا غير هامشيين ؟؟؟

وعنف ثاني على ثقافة مغربية حيت لم تذكر الوزيرة عملة الفقراء الريال او السنتيم وانما تحدثت عن الفرنك , في احالة لا شعورية الى لغة مستعمر نجح في خلف تقافة تابعة .

المستغرب ان وزيرة تنتمي الى حزب سياسي يتغذى على مرجعية اشتراكية تؤمن باهمية التفاعل مع قضايا الناس و الاحساس بنبضهم ومعاناتهم و تحويلها الى مواقف سياسية تترافع عن قيم العدالة الانسانية و المساواة و الحق في الكرامة و الشغل .

اما ان تتحول سياسية يسارية – رغم شجاعتها و جراتها في زمن الصمت و مباركة الريع حتى من طرف من وصلوا الى السلطة عبر ادعاء الفضيلة ؟؟

ان تتحول هذه السياسية اليسارية الى الدفاع على قيم الريع السياسي فالامر غريب و الاكثر استغرابا ان يدافع عنها سياسي يشغل منصب مدير ديوان الامين العام للحزب بكلام قبيح فيه الكثير من الاساءة والتشهير لمن عبروا عن انفعالاتهم المبررة .

السيدة الوزيرة احترمتك حين عبرت بجرأة عن موقفك من اقتصاد الريع حين يمارس الجميع الصمت , لكنني صدمت حين قدمت اعتذارا .. لتزداد مساحة الغموض .

ليس المطلوب منا مقاطعة الانتخابات من اجل ان يتكرم هولاء النفعيين بالتنازل عن تقاعد مريح , انما المطلوب مشاركة فاعلة لاختيار جيل جديد يؤمن بقيم المواطنة يحمل الوطن في قلبه وعقله وفق ما قاله جلالة الملك لكل زمان رجاله , فلا تنظروا ممن اعتاد على الاخذ ان يعطي .

العياشي الفرفار

شارك :

التسميات:

لا تعليقات في " جوج فرنك و العنف الرمزي ؟؟ "

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM