شريط الاخبار

قائمة

ملف التشغيل : الجزأ الاول/ التشغيل بالكونترا وضرب الوظيفة العمومية


بنكيران يخطط لضرب الوظيفة العمومية

يبدو أن التوظيف في المغرب يسير وفق مخطط مدروس بعناية فائقة. فبعدما انتقل من التوظيف المباشر بالنسبة إلى الحاصلين على الشهادات العليا، إلى
التوظيف بالمباراة، تخطط حكومة عبد الإله بنكيران، قبل نهاية ولايتها الحالية، للشروع في العمل بالتوظيف المؤقت عن طريق التعاقد، أو ما يصطلح عليه التوظيف بـ«الكونترا»، فما هي خلفيات المخطط الحكومي لضرب الوظيفة العمومية والتشغيل بـ«الكونترا»؟
بالرجوع إلى بطاقة حول التشغيل بموجب عقود بالإدارات العمومية، التي أعدتها مديرية الوظيفة العمومية، بوزارة الحركي محمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، يتضح أن الوزارة تنطلق مما تسميه «تثمين الرأسمال البشري»، من أجل إعداد أرضية لمشروع مرسومها التطبيقي، وذلك من خلال ما تصفه بـ «العمل على المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، بغية جعل الإدارة تستند إلى الكفاءة والخبرة والتخصص في تدبير الشؤون العامة، والعمل على تعزيز حركية الموظفين بين مختلف القطاعات العمومية»، لكن بالصيغة التي يقترحها، والتي سيكون الانتقال من خلالها وفق ما تريده الوزارة، عبر مسطرة الإلحاق، وهو النظام الذي يأتي بعد حوالي 58 سنة من اعتماد الوظيفة العمومية في المغرب التوظيف النظامي، وفق النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الصادر سنة 1958، والذي يكرس آلية يتم تعيين الموظف وفقاً لها، في وظيفة قارة، ويتم ترسيمه في درجة معينة.
وتقول الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، إن فكرة مشروع التوظيف بالتعاقد جاءت بناء على ما وصفته بـ«التطور» الذي عرفه التدبير العمومي في السنوات الأخيرة، خصوصاً من حيث تنوع حاجيات ووظائف الإدارة العمومية، وتطور وسائل وآليات عملها، وهو الأمر الذي جعلها تفكر في «خوصصة» عدد من القطاعات، بإشراك شركات القطاع الخاص، في تقديم وتجويد الخدمات العمومية، سيما منها ذات الطابع العرضي والتقني، والتي تتطلب سرعة وإمكانات وكفاءات عالية قد لا تتوفر عليها الإدارة العمومية بالشكل الكافي أو المطلوب، من قبيل شركات التدبير المفوض وغيرها. غير أن النقص الحاصل في هذا الصدد، بحسبها، هو ما جعل التفكير في آلية جديدة تكون «مرنة وملائمة وفعالة» للتوظيف ضرورياً، في عهد الحكومة الحالية، وهو ما تعارضه جهات عدة، منها النقابات وجمعيات حملة الشهادات المعطلين، وأحزاب المعارضة التي تعتبرها مجرد حلول ترقيعية، تغطي بحسبها عجز الحكومة في السير قدماً في ما يخص ملف التشغيل.
التبرير الوحيد الذي اعتمده مبديع هذه السنة، خلال اللقاءات التي أجراها للتعريف بهذا المشروع، هو تجويد العمل في الإدارات العمومية، وهي الخطوة التي يعتمدها بعدما سبق للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، أن عرف سنة 2011 تعديلاً بموجب الفصل 6 المكرر من القانون رقم 50.05، الذي يقضي بإضافة طريقة جديدة في التوظيف، إلى جانب التوظيف النظامي في الوظائف القارة، متمثلة في «تشغيل أعوان عن طريق التعاقد»، لجذب كفاءات خاصة قادرة على إنجاز مشاريع أو خدمات لفائدة الإدارة المعنية، والتي تكتسي عادة طابعاً مؤقتاً وتقنياً محدداً في الزمان، كلما اقتضت ضرورة المصلحة ذلك، ولا يترتب على هذا الأسلوب في التشغيل أي ترسيم للمتعاقدين في أسلاك الوظيفة العمومية. غير أن مبديع لا يريد، هذه المرة، أن يقتصر فقط على الأعوان، بل حتى الموظفين الكبار والكفاءات العليا التي يعدها الوزير بأجور مرتفعة قد تصل إلى 40 ألف درهم.
معطلون يخشون عودة منطق «الزبونية»
مشروع المرسوم التطبيقي الذي تم إعداده لهذا الغرض، تتحدد مضامينه الكبرى في إمكانية تشغيل موظفين متعاقدين بالإدارات العمومية، من أجل إنجاز مشاريع أو دراسات أو تقديم استشارات أو خبرات أو القيام بمهام محددة، وبمختلف الوظائف التي تكتسي صبغة دائمة أو ذات طابع مؤقت أو عرضي أو تنفيذي.
ويهدف مخطط عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، إلى سد حاجيات الإدارة من الكفاءات والخبرات القادرة على تسيير وتدبير المشاريع والأوراش الكبرى على الأمدين القصير والمتوسط، والتي لا تتطلب في نظره، بالنظر إلى طبيعتها، اللجوء إلى التوظيف النظامي الدائم، وهو ما سيضع حكومته مرة أخرى أمام امتحان عسير، خصوصاً أن الفهم الحاصل لدى الجميع، يتلخص في أن قطاع الوظيفة العمومية يستعد للتوظيف بالتعاقد، لسد العجز المسجل على مستوى الموارد البشرية.
فالمصادقة على مشروع المرسوم التطبيقي الخاص بالتوظيف بالتعاقد، وتمريره يقتضي الاستعانة بخبرات أصحاب التخصصات المطلوبة، من خريجي الكليات والمعاهد والمدارس العليا العمومية، والمعطلين منهم، الذين ينتظرون فرصة التوظيف في أسلاك الوظيفة العمومية، فيما سارع هؤلاء أنفسهم إلى رفض أي إجراء من هذا النوع، ويريدون ترسيمهم في أسلاك الوظيفة العمومية، ما سيفتح المجال أمام ما يتخوف منه كثيرون، وهو المتعلق بـ «الزبونية والمحسوبية» التي يتخوف منها عدد المعطلين.
المنخرطون في جمعيات المعطلين حملة الشهادات أبدوا رفضهم المطلق للمشروع المذكور، بعد اطلاعهم على الشروط التي يتطلبها التعاقد بين الإدارة العمومية والخريجين حاملي الشهادات، عبر عقود قابلة للتجديد، دون أن يترتب عنها إدماج المتعاقد معه في أسلاك الوظيفة العمومية إثر نهاية الفترة المحددة.
وبحسب بيان سابق صادر عن الجمعيات ذاتها، فإن المعطلين يؤكدون أن الصيغة المقترحة لن تكفل الشفافية المطلوبة في التوظيف، حتى وإن تم قبولها.
وعلى الرغم من تقديم وزارة مبديع، أسباب لجوئها إلى هذه الصيغة في التوظيف، يرى المعطلون الغاضبون أنها لا تشكل سوى سوء نية من الحكومة، من أجل مصادرة مناصب الشغل المفترض إطلاقها، ومنحها للمقربين منها ومن الأحزاب التي تتشكل منها، وهو ما يتخوفون منه، خصوصا الجهات التي ستتولى مهام اختيار المتعاقدين، والتي قد تعيد منطق الزبونيَّة والمحسوبية إلى الواجهة.
تنقيل الموظفين وتمديد سن التقاعد لسد أبواب التوظيف
شرعت الحكومة في تنفيذ قرار «الترحيل الإجباري» لحوالي 260 ألف موظف ينتمون إلى الهيئات المشتركة بين الإدارات. وأكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، محمد مبديع، أن الحكومة عازمة على تطبيق القرار من أجل حل المشاكل التي تعاني منها اليوم بعض الإدارات العمومية، مشيرا إلى أن عملية إعادة الانتشار ستراعى فيها عدة مقاييس تهم بالخصوص التنقيل حسب الاحتياجات المعبر عنها، موضحا أن قرار «الترحيل» يأتي في سياق مواكبة الجهوية المتقدمة وما تفرضه من إعادة هيكلة الإدارات، ويهم فقط الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الإدارات وعددها 11 هيئة تضم 260 ألف موظف موزعين على أزيد من 125 موظفا بالإدارات العمومية وأزيد من 134 موظفا بالجماعات الترابية.
هذا وتحدث مبديع عن وجود إشكالية توزيع الموظفين بين الإدارات، حيث هناك قطاعات تشكو من الخصاص وفي المقابل هناك قطاعات أخرى لها فائض في الموظفين وتشكل عبئا على كتلة الأجور، فضلا عن أن هناك موظفين يرغبون في الانتقال إلى إدارات تواكب تكوينهم أو توجد بمدن أو قرى يرغبون في الالتحاق بها، في حين أن الآليات القانونية الحالية لا تسمح بإعادة انتشار الموظفين.
وأشار مبديع إلى أن هذا المرسوم سيمكن من نقل الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الوزارات من الإدارة العمومية أو الجماعة المحلية التي يشتغلون بها وإعادة تعيينهم بإدارة عمومية أو جماعة محلية أخرى، إما بطلب منهم أو تلقائيا، بعد إحداث لجنة وزارية ستتكلف بدراسة الفائض وتحديد الخصاص بمختلف الإدارات العمومية.
إلى ذلك، كشفت مصادر من وزارة الوظيفة العمومية عن وجود 18 مشروعا يتعلق بالإدارات العمومية، تعكف الحكومة على دراستها، أهمها مراجعة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وإصلاح أنظمة التقاعد، ومحاربة التغيب غير المشروع عن العمل، وتشجيع حركية الموظفين، والتشغيل بموجب عقود بالإدارات العمومية، ومقاربة النوع والمناصفة بالوظيفة العمومية، بالإضافة إلى تقوية الحماية الاجتماعية للموظفين، والتكوين المستمر، إلى جانب مشروع المرسوم المتعلق بنقل الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الوزارات، والذي سيجبر الموظفين على الانتقال ما بين الإدارات العمومية والجماعات المحلية.
وينص المرسوم على أنه يمكن نقل الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الوزارات، في إطار تشجيع الحركية، من إدارة عمومية أو جماعة ترابية وإعادة تعيينهم بإدارة عمومية أو جماعة ترابية أخرى، إما بناء على طلبهم أو تلقائيا، إن اقتضت ضرورة المصلحة ذلك.
وبالنسبة للتنقيل التلقائي، ينص المرسوم على أنه يتعين على الإدارات العمومية والجماعات الترابية أن توجه إلى مصالح وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، لوائح الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الوزارات المقترح نقلهم تلقائيا إلى إدارة عمومية أو جماعة ترابية أخرى.
وقبل هذا المرسوم، نجحت الحكومة في تمرير المرسوم بقانون رقم 2.14.596 المتعلق بتمديد سن تقاعد رجال التعليم وموظفي وزارة التربية الوطنية والأساتذة الجامعيين إلى غاية نهاية السنة الدراسية، حيث تم الاحتفاظ فعلا بـ 7677 موظفا بقطاع التربية الوطنية، منهم 6580 ينتمون إلى هيئة التدريس بالتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، كما قامت وزارة التعليم العالي بالاحتفاظ بـ 130 أستاذا باحثا، عوض توظيف أساتذة جدد، خاصة أمام حالة الخصاص الكبير الذي تعرفه الموارد البشرية بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، وخصوصا في فئة أساتذة التعليم العالي، حيث يعرف القطاع نزيفا سنويا يتراوح ما بين 400 و800 أستاذ يغادرون الجامعات بسبب وصولهم سن التقاعد المحدد في 65 سنة.
وحسب التوقعات التي أعلن عنها لحسن الداودي، أثناء تقديم الميزانية القطاعية لوزارة التعليم العالي أمام لجنة التعليم بمجلس النواب، فإن عدد الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي الجامعي سينخفض من 12 ألف أستاذ سنة 2015 إلى أقل من 10 آلاف أستاذ نهاية سنة 2019، أي بنسبة تتجاوز ناقص 14 في المائة سنويا، وذلك بسبب ارتفاع عدد الأساتذة الذين يصلون سن التقاعد.
ومن خلال التوقعات الرسمية، فإن عدد المتقاعدين الذين غادروا مدرجات الجامعة سنة 2014 بلغ 498 أستاذا، وخلال السنة الماضية بلغ 636 أستاذا، وخلال السنة الجارية سيرتفع العدد إلى 795، وفي سنة 2017 سيصل إلى 833، وفي سنة 2018 سيصل إلى 960 متقاعد، ليصل إلى 1010 أساتذة جامعييين متقاعدين سيغادرون الجامعة مع مطلع سنة 2019. ولتجاوز الخصاص، فإن وزارة التعليم العالي في حاجة إلى توظيف ألف أستاذ جامعي سنويا للحفاظ على مستوى التأطير البيداغوجي في حدود 52 طالبا لكل أستاذ. وعوض تخصيص الحكومة لمناصب مالية جديدة لسد الخصاص المهول بقطاع التعليم العالي، وفي ظل سياسة التقشف في التوظيف التي تنهجها، لجأت إلى حيلة بإلحاق الموظفين الحاصلين على شهادات الدكتوراه والذين يعملون بمختلف القطاعات الحكومية الأخرى، وإلحاقهم للعمل بقطاع التعليم العالي كأساتذة للتعليم العالي مساعدين، بعد اجتياز مباريات تعلن عنها المؤسسات الجامعية. وفي هذا الإطار، خصصت الوزارة ضمن قانون المالية لسنة 2014، حوالي 500 منصب لإلحاق الدكاترة العاملين بالوظيفة العمومية، مع الاحتفاظ  بمناصبهم المالية بالقطاعات التي كانوا يعملون بها دون تعويضها... (يتبع).

شارك :

لا تعليقات في " ملف التشغيل : الجزأ الاول/ التشغيل بالكونترا وضرب الوظيفة العمومية "

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM